مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

مسائل مهمة تتعلق بجملة سورة الفاتحة

صفحة 1237 - الجزء 2

  للسياق فإنه وارد في القراءة خلف الإمام وهو منطوق يجب تقديمه على المفهوم المأخوذ منه عدم الوجوب.

  قلت: أراد بالمأخوذ منه عدم الوجوب ما في حديث جابر من قوله: «إلا وراء الإمام»، ويجاب بأن هذا ليس بمفهوم، بل هو منطوق غايته أن فيه حذف دل عليه السياق، إذ الاستثناء من المنفي وهو الصلاة، إذ التقدير: مَنْ لم يقرأ الفاتحة فلم يفعل الصلاة إلا وراء الإمام فإنه يكون فاعلا لها وإن لم يقرأ الفاتحة. ومادل عليه السياق واقتضاه اللفظ بحيث لا تتم الفائدة من دونه كان منطوقاً، فينتفي ترجيح حديث عبادة، ويجب إما الجمع بينهما بما ذكر أو بغيره مما يمكن، أو الرجوع إلى غيرهما.

  واعلم أن المؤيد بالله وغيره من أصحابنا قد جمعوا بين الأدلة بحمل أدلة التحمل والنهي عن القراءة على حالة الجهر، وأدلة وجوب الفاتحة على حالة الإسرار، وأوجبوا قرآناً معها لما مر، وأما الهادي فاقتصر في الاستدلال على المسألة بالآية، ورواه عن جده القاسم، وتقرير كلامهما في الاحتجاج بها على نحو ما مر من أن الاستماع والإنصات إنما يكون مع الجهر، وأن من قرأ فلم يستمع ولم ينصت، وأنه إذا لم يجهر الإمام فقد بطل وجوب الإنصات ووجبت القراءة، وظاهر كلام الهادي أن الآية نزلت في القراءة خلف الإمام لأنه قال: فأمر تبارك وتعالى بالإنصات والاستماع لقراءة الإمام، وفي اقتصارهما على الاحتجاج بها دليل على أنه يجب الرجوع إلى ظواهر القرآن عند تعارض الأخبار فعلى الناظر التأمل، فإن لم يحصل له ما يدفع