مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

الباب الثاني فيما يتعلق بجملة الفاتحة

صفحة 1287 - الجزء 2

  أفراد العام لا يقتضي التخصيص، وليس الدعاء المأمور به مجملا حتى يكون فعله بياناً له فيقتصر عليه كما لا يخفى.

  فإن قيل: حديث: «صلوا كما رأيتموني أصلي» يمنع الجواز.

  قيل: الحديث ليس على ظاهره بالنسبة إلى الدعاء، لأنه ليس بواجب من أصله.

  قلت: ولو تناوله الأمر لم يكن منافياً للدعاء بالشعر؛ إذ المراد أن يفعلوا جنس فعله من الدعاء وغيره، والدعاء بالشعر من جنسه ولو لم نقل بهذا لما جاز الدعاء بغير المأثور ولا القراءة بسورة لم يقرأ بها.

  فإن قالوا: قد ثبت جواز ذلك بدليل آخر.

  قيل: وهذا ثبت بدليل آخر وهو: التفويض للمصلي.

  وأما ما ذكره من التكلف في الشعر فيقال: المسألة مفروضة فيما لا تكلف فيه من الشعر المحفوظ أو من تساعده سليقته.

  فإن قيل: قد روي عن ابن عباس: انظر إلى السجع من الدعاء فاجتنبه فإني عهدت رسول الله ÷ وأصحابه لا يفعلون ذلك، أخرجه البخاري.

  قيل: أما الأمر بالاجتناب فهو من كلام ابن عباس ولا حجة فيه، وأما أنه عهدهم لا يفعلون ذلك فهو لا يقتضي المنع كما يؤخذ مما مر لحصول التفويض، ويجوز أن يراد بكلامه ما كان يحصل به التكلف فأما المحفوظ أو المتيسر لمساعدة السليقة فلا بأس به.