مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

{الم 1 ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين 2 الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون 3 والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة

صفحة 1382 - الجزء 3

  في أموره وأمور غيره بتنزيل الله رب العالمين، كيف عظم ضلاله وغيه، وضلت أعماله وسعيه، فتحسبه محسناً وهو مسيء، ورشيداً في أمره وهو غوي.

  وقال القاسم بن علي العياني #: ولا بد من معارض لنا في علم القرآن يقول: إن القرآن لا يغني علمه عن النظر فإذا قال ذلك قائل.

  قلنا: فالنظر ذلك عليه نفسك أم ذلك عليه خالقك في منزل كتابه؟ فإن قال: إن نفسه دلته على ذلك من قبل دلالة خالقه أحال ووجد الله تعالى يأمره بذلك أمراً في كتابه ويندبه إليه ندباً، ووجد في جميع ما أمر به دليلاً يغني عن كل دليل، ويهدي إلى كل سبيل.

  وقال الإمام القاسم بن محمد #: اعلم أنه لا دليل على الله سبحانه أبين من كتابه، وذلك أن كونه معجزاً دليل على صحة خبره عن الله تعالى، وعن صفاته، ومن أنكر ذلك فقد رد قوله تعالى: {هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ٥٢}⁣[إبراهيم].

  فإن قيل: كيف يكون هدى وفيه المجمل والمتشابه؟

  قلنا: لم ينفكا عن البيان بدلالة العقل والسمع.

  فإن قيل: قوله هدى مطلق، فكيف صح حمله على الهدى في كل شيء والمطلق لا عموم له؟

  قيل: هو هنا أبلغ من العموم لدلالته على غاية الكمال في الهدى كما يأتي قريباً، ولا يبلغ الغاية إلا إذا كان هدى في كل شيء، على أن بعض العلماء قال: إن المطلق كالعموم حتى يقوم دليل التعيين.