المسألة الرابعة [العلة في تنكير الهدى]
المسألة الرابعة [العلة في تنكير الهدى]
  اعلم: أن الله تعالى لما نفى عن القرآن أن يتشبث به الريب، ووضع المصدر الذي هو هدى موضع الوصف الذي هو هاد، وأورده منكراً؛ دل ذلك على غاية كماله في الهدى، ونجاة من اتبعه من الردى، ولعمري إنه لكذلك وإنه الذي {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ٤٢}[فصلت] {هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ}[البقرة: ١٨٥] {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ}[الإسراء: ٩] {وَهَذَا ذِكْرٌ مُبَارَكٌ أَنْزَلْنَاهُ}[الانبياء: ٥٠] {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ}[الإسراء: ٨٢] وأي رحمة فوق التخليص من الجهالات والضلالات، وقد مر في المقدمة شطر من فضائل القرآن، والحث على العمل به.
  وعن أبي أمامة: حثنا رسول الله ÷ على تعليم القرآن وحدثنا من فضله وقال: «تعلموا القرآن واتلوه فإن القرآن يأتي صاحبه يوم القيامة أحوج ما كان إليه فيأتيه في صورة حسنة فيقول: هل تعرفني؟ فيقول: من أنت؟ فيقول: أنا الذي كنت تكرمه وتحبه، وكان يسهر ليلك، ويدأب نهارك، ويشخصك وينصبك، فيقول: لعلك القرآن، فيقول: أنا القرآن، فيتقدم بين يدي ربه فيعطيه الملك بيمينه والخلد بشماله، ويوضع تاج السكينة على رأسه، ويكسى والداه حلتين لا تقوم لهما الدنيا أضعافاً مضاعفة، فيقولان: إن هذا لم تبلغه أعمالنا،