مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة السادسة: في التحسين والتقبيح العقليين

صفحة 135 - الجزء 1

  قلت: يعني بالقول الأول القول بأن العقل لا يدرك الحسن والقبح بمعنى المدح والذم، فأما بمعنى الثواب والعقاب فالسيد محمد قد أخرجه من محل النزاع كما تقدم، وحينئذ اتضح الحق وصح النقل، وظهر لك أن الرجلين إنما يحاولان إبطال إدراك العقل لاستحقاق الثواب والعقاب، ولو حاولا ذلك ونسباه إلى أنفسهما لكان أجمل بهما.

  وأما نسبة ذلك إلى المعتزلة والتمويه بإطلاقات بعضهم في حد الحسن والقبح مع تقييده بقواعد لا يمكن دفعها، فهو ينادي عليهما بالغباوة، أو عدم معرفة أصول العدلية، أو التمويه، وإذا عرفت هذا فاعلم أن الحدود التي حكاها ابن الأمير عن القرشي وغيره، وأنهم اقتصروا على المدح والذم لا يفيدهما فيما راما إثباته لأن في تلك الحدود اكتفاءً، وبناءً على الاختصار؛ لأن المدح والذم يغنيان عن ذكر الثواب والعقاب للتلازم بينهما كما مر من اتحاد جهة الاستحقاق مع ملاحظة شمول الحد لأفعال الباري تعالى، فتأمل.

  وبهذا يسقط قول ابن الأمير ان قول الأشعرية بإدراك العقل للحسن والقبح باعتبار كونه صفة كمال أو صفة نقص موافق للمعتزلة في المعنى المختلف فيه، وهو إدراكه لهما بمعنى المدح والذم، ومثله قول المقبلي ان اعتراف الأشاعرة والاتفاق منهم ومن سائر الناس أن التحسين والتقبيح بمعنى الكمال والنقص ثابت في نفس الأمر يكاد يلحق الخلاف بالوفاق، وعللا ذلك بأن معنى إدراك العقل لهما استحسانه الرفع من شأن من اتصف بالكمال كالعلم، والوضع