مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الرابعة عشرة [في الاسراف والتقتير]

صفحة 1444 - الجزء 3

  وعنه ÷: «ما أحسن عبد الصدقة إلا أحسن الله إليه في مخلفيه».

  وقال بعض الصالحين: الصلاة تبلغك نصف الطريق، والصوم يبلغك باب الملك، والصدقة تدخلك عليه بغير إذن. وقال الشعبي: من لم ير نفسه أحوج إلى ثواب الصدقة من الفقير إلى صدقته فقد أبطل صدقته، وضرب بها وجهه.

المسألة الرابعة عشرة [في الاسراف والتقتير]

  قيل: أدخل (من) التي للتبعيض صيانة لهم، وكفاً عن الإسراف والتبذير المنهي عنه.

  قال القاضي زيد: وقد ثبت أن إخراج الرجل جميع ما يملكه لا يكون قربة، بل يكون محظوراً؛ لأنا نعلم من دين المسلمين أنهم لا يختلفون فيمن تصدق بجميع ماله حتى لا يبقى ما يكسو به عورته، ويسد جوعته، ويكفي عيلته أنه لا يحمد على ذلك بل يذم، وقد نبه الله على ذلك بقوله: {وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا ٢٩}⁣[الإسراء] فنهى نبيه عن الإمساك حتى لا ينفق، وعن الإنفاق حتى لا يبقي، وقد مدح الله تعالى من وقف بين ذلك فقال: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا ٦٧}⁣[الفرقان] ولا يجوز أن يمدح الله أحداً إلا على فعل القرب.

  فعلم أن الإفراط في إخراج ما يملكه لا يكون قربة. وعن مجاهد قال: كنت جالساً عند النبي ÷ فجاء رجل بمثل بيضة من ذهب