مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الرابعة عشرة [في الاسراف والتقتير]

صفحة 1450 - الجزء 3

  قلت: وفيه نظر، فإن الإباحة نوع من الإنفاق، وقد ثبت أن إنفاق ما زاد على الثلث منهي عنه، فتكون إباحة ما زاد على الثلث كهبته، أما أن الاستهلاك بمعنى الرجوع فمبني على صحة هذه الإباحة، وهي في الزائد على الثلث غير صحيحة. والله أعلم.

  وما قاله الهادي # من أنه ليس للواهب ولا لورثته الرجوع إذا كانت الهبة على عوض معلوم؛ فلأن الهبة على العوض المعلوم تجري مجرى البيع.

  (البحث الثاني): اختلف العلماء فيمن نذر بجميع ماله، فقال أهل المذهب: إنما ينفذ من الثلث.

  قال في (شرح الأزهار): وهو الصحيح من روايتين عن القاسم، والهادي، وهو قول مالك. قال في الثمرات: لأن الاستغراق منهي عنه؛ لإجماع العقلاء على أن من تصدق بجميع ماله حتى لا يبقى له ما يسد جوعته، ويواري عورته، أنه لا يحمد بل يذم، وخصوا الثلث لما مر، ولأنه في أصل شرعه قربة تعلقت بالمال فأشبه الوصية. وقال المؤيد بالله وهو إحدى الروايتين عن القاسم والهادي: يلزمه جميعه.

  قال في (الثمرات): لكن يُبقي ما يسد جوعته، ويستر عورته، ومتى استغنى أخرجه لما مر من الإيثار ونحوها.

  وعن ابن عباس عن النبي ÷: «ومن نذر نذراً أطاقه فليف به».

  وعن النبي ÷ أنه قال: «من نذر نذراً سماه فعليه الوفاء به».

  ولقائل أن يقول: أما آية الإيثار فقد تقدم الكلام عليها، وأما الحديثان