قوله تعالى: {إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون 6 ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم 7}
  تلك العلة، وهذا النوع قد اختلف العلماء في صحة الاستدلال به على الإكفار والتفسيق، فالذي عليه أكثر قدماء أهل البيت $ وأكثر المعتزلة - كأبي علي، وأبي هاشم، والقاضي وغيرهم - أنه يصح الاستدلال به، والخلاف في ذلك لمن منع من تكفير أهل القبلة، وقالوا: الكفر لا يعلل(١).
  وأجيب بأنه يصح تعليل كل حكم إلاَّ لمانع، نحو: أن يعود على الحكم بالنقض، أو تكون العلة لا تنفصل عن المعلول، والمعلول لا ينفصل عنها، أو يؤدي إلى إثبات ما لا يتناهى، وذلك كله مفقود في تعليل الكفر فيجب أن يصح تعليله. هكذا ذكره الإمام الموفق بالله في الإحاطة.
  قالوا: المرجع بالكفر إلى تزايد العقاب، والعلة في استحقاق العقاب إنما هي القبح، ومن ثم قيل: إن أقل جزء من أجزاء القبيح إذا قبح بوجه واحد لم يستحق عليه إلا جزءاً واحداً من العقاب، وأن تزايد العقاب إنما هو لتزايد وجوه القبح، وإذا ثبت هذا فمن الجائز أن يعلم كون الفعل كفراً، ولا نعلم وجه تزايد عقابه حتى صار كفراً، وإنما نعلم أنه إنما عظم عقابه لوجه اقتضى ذلك، ولا يمتنع كون المصلحة في عدم علمنا بتلك الوجوه على التفصيل، كما لا يمتنع كون المصلحة في العلم بها تفصيلاً؛ ألا ترى أن السمع إذا ورد بقبح أمرٍ أو وجوبه، فإنا نعلم في الجملة أن ثم وجهاً اقتضى ذلك وهو كونه داعياً
(١) بل يقال كفر بكذا نحو أن يقال كفر بإثبات الثاني. تمت مؤلف.