قوله تعالى: {إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون 6 ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم 7}
  قلت: وهذا كلام صحيح باهر، جار على قواعد العدل والحكمة.
  قال المنصور بالله #: وأما قوله ÷: «ويؤمر بأربع كلمات يكتب أجله ورزقه وعمله وشقي أو سعيد» فالكلام منه أن هذا قول حق وقول صدق، لكن يلزم عليه مثل ما تقدم من أن الله تعالى حكيم في أفعاله، وأنه المتولي للبقاء كما هو المتولي للإحداث، وأنه تعالى يقسم الأرزاق على الضيق والسعة، ويعدل فيها بحسب المصالح، وأنه سبحانه يكتب الأعمال ويأمر الملك بكتبها، وكذلك الشقاء والسعادة؛ لأنه سبحانه عالم بجميع المعلومات المعدوم منها والموجود، والحسن منها والقبيح، والطاعة منها والمعصية؛ لأنه سبحانه عالم لذاته، فيجب أن يعلم جميع المعلومات؛ لأن ذاته مع المعلومات على سواء بخلاف العبيد فإنهم عالمون بعلوم محصورة، والمعلومات تحصر بانحصار العلوم، ولهذا لا يجوز أن يكون تعالى عالماً بعلم يعلم به؛ لهذه العلة وهي انحصار معلوماته، أو يعلم بعلوم لا نهاية لها، وذلك باطل عند الجميع؛ لأنها إن كانت قديمة كانت أمثالاً له سبحانه، وإن كانت محدثة فذلك باطل؛ لأن حدوث ما لا يتناهى في أوقات متناهية محال ولأن العلم لا يحدثه إلا من هو عالم فيقف كل واحد منهما على الآخر وهو باطل، فصح لك بما ذكرنا أن الله تعالى عالم بكل شيء على الوجه الذي هو عليه، دون أن يعلم الشيء على غير ما هو عليه؛ لأن ذلك يكون جهلاً تعالى الله عنه، ولعل المخالف يريد أن علم الله والكتابة وما في معناها هو الذي أوجب حصول المعلومات على ما هي عليه، ولهذا عقبه بما في آخر الخبر على ما سنذكره إن شاء الله تعالى.