قوله تعالى: {إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون 6 ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم 7}
  فإن قيل: إذا كان فيه إعزاز للدين، وإن لم يؤثر في المنكر عليه فيجب أن يحسن.
  قيل له: هذا بعض وجوه التأثير. إذ التأثير كله ليس في المنكر.
  فإن قيل: أليس الله تعالى نهى عن القبيح من يعلم أنه لا ينتهي كذلك لِمَ لا يجوز لأحدنا أن ينهاه مع علمه أو ظنه أنه لا ينتهي؟
  قيل له: لأن الغرض بنهي الله تعالى إزاحة علة المكلف وتقرير تكليفه، والغرض بنهينا إزالته(١)، فإذا غلب في ظنه أنه لا فائدة فيه كان عبثاً.
  وقال الإمام يحيى بن حمزة: بل يحسن؛ إذ الأمر والنهي عمل مقصود للشرع وإن لم يحصل متعلقه ولقوله تعالى: {لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ}[الأعراف: ١٦٤] إلى قوله: {مَعْذِرَةً} ومعناها لئلا نكون ممن قصر ولرجاء تقواهم.
  قال أبو علي: لم يكن قولهم: {لِمَ تَعِظُونَ} إنكاراً، وهكذا حكاه النووي في شرح صحيح مسلم عن العلماء، قال: لأن الذي عليه الأمر والنهي لا القبول، وكما قال تعالى: {مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ}[المائدة: ٩٩] ولأنه بمنزلة استدعاء الغير إلى الدين لإقامة الحجة عليه وإزاحة علته، وكما فعلت الأنبياء $ في دعائهم لمن أخبر الله تعالى أنه لا يؤمن، وأجيب: بأن الأمر والنهي ليس مقصوداً للشرع إلا مع تكامل شروطه، وعدم استلزامه للقبيح، وقد ثبت أن الخوض
(١) أي إزالة القبيح. تمت. مؤلف.