مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

قوله تعالى: {إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون 6 ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم 7}

صفحة 1547 - الجزء 3

  فيما لا فائدة فيه قبيح؛ لأنه عبث، وأما الآية فهم راجون تقواهم بدليل قولهم: {وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ١٦٤}، فإذاً يقال: دلالة الآية على أن من أيس فلا وجوب عليه، ولهذا ورد في الأثر (أن الكافين بعد الإياس ناجون) ومن يرجو، فالوجوب باق، ولهذا قالوا: {مَعْذِرَةً} أي لئلا ننسب إلى التقصير. والاستدلال بالآية مبني على أن شرع من قبلنا يلزمنا ما لم ينسخ، وفيه خلاف، وأما الاستدلال بفعل الأنبياء $ فقد تقدم أنه يجب عليهم التبيلغ والدعاء إلى الدين وإن علموا عدم التأثير، بخلاف الأمر والنهي فإن الغرض بهما فعل المعروف وترك المنكر، فإذا علم أو ظن أن هذا الغرض لا يحصل صار عبثاً فيقبح، عند اختلال هذا الشرط، كما يقبح الأمر والنهي ممن لا يعلم كون الذي يأمر به معروفاً والذي ينهى عنه منكراً.

  قال الإمام المهدي #: فإن لم يعلم أو يظن التأثير ولا عدمه، بل يجوز الأمرين فهاهنا يجب لظاهر الدليل، وقيل: يحسن فقط.

  وقال الإمام القاسم بن محمد #: يشترط ظن التأثير حيث كان المأمور والمنهي عارفين بأن المأمور به معروف والمنهي عنه منكر، وإلا وجب التعريف، وإن لم يظن التأثير لأن إبلاغ الشرائع واجب إجماعاً، والأصل في ذلك قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ ...}⁣[البقرة: ١٥٩] الآية، ونحوها، وقوله ÷: «من كتم علماً مما ينتفع به الناس ألجمه الله بلجام من نار».

  قال #: ويجب أيضاً أمر العارف بالمعروف، ونهي العارف