مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

قوله تعالى: {إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون 6 ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم 7}

صفحة 1566 - الجزء 3

  وذكر (|) هو وغيره وجوهاً من التأويل غير هذا منها: أن ذلك من الإسناد المجازي فالشيطان هو الخاتم في الحقيقة أو الكافر، وإسناده إليه تعالى باعتبار كونه هو الذي أقدره ومكنه من باب إسناد الفعل إلى السبب.

  ومنها: أن أعراقهم لما استحكمت في الكفر ورسخت بحيث لم يبق إلى تحصيل إيمانهم طريق سوى الإلجاء والقسر، ثم لم يفعل ذلك بهم محافظة على حكمة التكليف، عبر عن ترك ذلك بالختم، إشعاراً بأنهم الذين بلغوا الغاية القصوى في الغي والعناد، وأنهم لا ينتهون عن ذلك إلا بالقسر والإلجاء.

  ومنها: أن ذلك حكاية لما كان الكفرة يقولونه مثل قولهم: {قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ} الآية [فصلت: ٥] تهكماً بهم.

  وقيل: يجوز أن يفعل هذا الختم بهم في الآخرة⁣(⁣١)، كما قال تعالى: {الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ}⁣[يس: ٦٥] وقال: {لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَهُمْ فِيهَا لَا يَسْمَعُونَ ١٠٠}⁣[الأنبياء]، وقال: {وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا}⁣[الإسراء: ٩٧].

  وقال أبو علي، وقاضي القضاة، وهو مروي عن الحسن البصري، وجوزه الإمام المهدي #: بل المراد بذلك سمة وعلامة يجعلها الله على قلب كل كافر وسمعه، يستدل بها الملائكة على كفرهم، وأنهم لا يؤمنون أبداً، ولا يبعد أن يكون في قلوب المؤمنين علامة تعرف بها


(١) وعبر عنه بالماضي لتحقق وقوعه. تمت. مؤلف.