مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة العاشرة [في السمع والبصر]

صفحة 1574 - الجزء 3

المسألة العاشرة [في السمع والبصر]

  اختلف العلماء في السمع والبصر هل هما معنيان أم لا؟

  فقال الإمام القاسم بن محمد #: السمع معنى محله الصماخ، والبصر معنى محله الحدق، وهو قول أبي الحسين، وأبي علي، وأبي الهذيل، وصالح قبة، وأبي القاسم البلخي، والصالحي، وبشر بن المعتمر، والأشعرية، وهو ظاهر كلام الزمخشري (|).

  وقالت البهشمية: بل المدركية صفة مقتضاة عن كونه حياً، بشرط وجود المدرك وارتفاع الموانع، وصحة الحاسة. وقال الجاحظ: بل الإدراك يحصل بطبع المحل، وهو قريب من قول البهشمية؛ إذ لا يعقل من طبع المحل إلا وجوب حصول التأثير في المدركية لمجرد حصوله على صفة. وقال النظام: بل الإدراك فعل الله يخلقه في الحواس، وهذا قريب من كلام الأولين؛ إذ لا فعل يعقل أن الله يفعله في الحاسة بعد كمال صحته إلا معنى تدرك به المدركات. وحجة أهل القول الأول أن الإنسان إذا نام لم تحس جوارحه شيئاً، وهذا يدل على أن الحس عرض، ولأن الأعمى والأصم حيان ولا يدركان المسموع والمبصر.

  فإن قيل: إنما لم يدركا لفوات شرط الإدراك وهو صحة الحاسة.

  قيل: تلك الآفة إنما هي سلب المعنى الذي ركبه الله في الحدق والصماخين.