مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة العاشرة [في السمع والبصر]

صفحة 1575 - الجزء 3

  قلت: ويجاب بأن هذا احتجاج بمحل النزاع. واحتج أهل القول الثاني بأن هذه الصفة يعني المدركية متى صحت وجبت أي تصح وتجب في وقت واحد، وهو عند حصول الحيية والشروط، فمتى حصلت صح الإدراك ووجب بكل حال، ومتى لم تحصل لم يجب ولم يصح بل يستحيل.

  واعلم أن الاستدلال على أن المدركية ليست بمعنى، وأن الحيية والشروط كافية في حصولها مبني على ما اختاره الجمهور من أنا إنما نعلم أن الحيية والشروط كافية في حصول هذه الصفة دلالة. وأما أبو الحسين فقد قال: علمنا بأنها كافية ضروري.

  قال الإمام يحيى: ثم تارة يقول: إن العلم بوجوب حصول كونه مدركاً عند هذه الأمور ضروري، والعلم بكونه ضرورياً ضروري، وتارة يقول: العلم بكونه ضرورياً نظري، واستدل على كونه ضرورياً بأن كل عاقل خَبَرَ الأمورَ، وتكرر إدراكه للمرئيات فإنه لا يشك أنه إذا شخص ببصره إلى السماء من غير مانع فإنه يستحيل أن لا يرى قرص الشمس، وأن يصب الحديد المحمى على صدره فلا يدرك حرارته، وأن تقطع أوصاله فلا يدرك الألم ونحو ذلك.

  فإن قيل: ما دليل الجمهور على أنها ليست معنوية، وأنها متى صحت وجبت؟

  قيل: لهم على ذلك أدلة:

  أحدها: أن الإدراك لو كان معنى لوجب أن ندرك الرقيق