قوله تعالى: {إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون 6 ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم 7}
  والمحجوب؛ لأنه يبطل - والحال هذه - أن تكون الموانع موانعاً، وأن تتوقف المدركية على زوالها، وإنما يتوقف على حصول المعنى الذي هو علة في وجوب الإدراك؛ إذ العلل الموجبة لا تقف في إيجابها لمعلولها على شرط منفصل(١)، إذ لو وقفت عليه لجوزنا أن يكون في الجسم علل كثيرة يتوقف الإدراك على حصولها، ولا طريق إليها، وإنما تقدم الطريق إليها لوقوفها على شرط منفصل، وإثبات ما لا طريق إليه محال، فما أدى إليه يجب أن يكون محالاً.
  فإن قالوا: إدراك المحجوب ونحوه ملتزم، فقد كان النبي صلى اله عليه وسلم يرى ما وراء ظهره، ومن الموانع أن يكون المرئي في خلاف جهة الرائي.
  قلنا: يحتمل أن المراد بإدراكه ÷ العلم، أو جعل له حاسة سادسة في قفاه، أو أن الله تعالى يقلب بعض شعاع عينيه ÷ عند إدراكه لذلك إلى خلفه، ويدرك بالبعض ما هو أمامه.
  الثاني: أنه لو كان معنى لجاز أن ندرك الذرة على الجبل، ولا ندركه، بأن يخلق فينا إدراكها دونه لجواز انفصال أحد الإدراكين عن الآخر.
  الثالث: أن المدركية لو صحت ولم تجب بل كانت معنوية(٢) لجوزنا أن يكون في حضرتنا فيلة وبعراناً ونيراناً مؤججة، ونحن لا نراها لعدم الموجب للمدركية، فلا نثق بالمشاهدات، بل نجوز إذا رأينا زيداً
(١) وهو ارتفاع الموانع هنا وعدم القرب والبعد المفرط ونحو ذلك. تمت. مؤلف.
(٢) أي متوقفة على حصول المعنى الذي يوجبها وهو الإدراك. تمت. مؤلف.