مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

قوله تعالى: {إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون 6 ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم 7}

صفحة 1577 - الجزء 3

  في حضرتنا وحده أن معه أخاه وأباه، ونحن نعلم انتفاء ذلك ضرورة، وما أدى إلى رفع العلوم الضرورية وجب القطع ببطلانه.

  فإن قيل: لا نسلم أنها لو كانت معنوية ارتفعت الثقة بالمشاهدات. لأن الله سبحانه يخلق فينا علماً مبتدأ بأن لا شيء بحضرتنا، كما خلق فينا علماً بأن زيداً الذي شاهدناه اليوم هو الذي شاهدناه أمس، مع جواز أن يكون غيره بأن خلق الله مثله، ومع العلم بذلك تحصل الثقة.

  فالجواب: أنها لو وقعت المساعدة لذلك فإنا نجوز ألاَّ يخلق الله ذلك العلم في بعض الحالات فيجوز أن يكون لنا حالةٌ الحواس فيها سليمة والموانع مرتفعة، وفي حضرتنا في تلك الحالة رواعد وصواعق، وجبال، وأنهار، ونحن لا ندركها لعدم العلم، ونحن نجد من أنفسنا العلم الضروري بأن ذلك لا يجوز في حال من الحالات أبداً.

  فإن كان هذا السؤال يؤدي إلى هذا المحال بطل ما قالوه، ولزم كون المدركية مقتضاة عن كونه حياً. ولا يخفى أن هذه المعارضات الواقعة بين المعتزلة مترتبة على ثبوت تأثير العلة. والله أعلم.

  فرع: اختلف القائلون بأن الإدراك معنى، فقال أبو علي، وأبو الهذيل: لا يقدر عليه إلا الله تعالى. وقالت البغدادية: بل يقدر عليه الله تعالى والعباد؛ إذ يتولد عن فتح الحدقة ونحوه.

  قلت: يرده قوله تعالى: {قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ ٢٣}⁣[الملك] وفتح الحدقة لا يولد معنى، وإنما هو ارتفاع مانع. والله أعلم.