قوله تعالى: {إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون 6 ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم 7}
  فرع آخر لهم: وهو أنهم اختلفوا في صحة خلو الحاسة منه، فقال أبو علي: إذا كانت الحاسة صحيحة لم يصح خلوها منه، وهو بناء على أصله من أن المحل لا يصح خلوه عن الشيء وضده. وقال أبو الهذيل، وصالح قبة، والصالحي: بل يجوز وجوزوا كوناً في الحضرة فيلاً أو نحوه لا نراه مع سلامة الحاسة، وارتفاع الموانع، ولما قيل لصالح: فيجوز أنك بمكة في قبة التزم، فسمي صالح قبة.
  وأجيب عليهم بما مر من أن ذلك يرفع الثقة بالمشاهدات، ويؤدي إلى التشكيك في الضروريات.
  فرع ثالث لهم: وهو أن ذلك المعنى يوجد عند فتح الحدقة، وقيل: بل قبله، وقيل: بل بعده.
  وأجيب: بأنه لو تقدم ذلك قبل الفتح ولو تأخر لم يدرك عند الفتح، والمعلوم خلافه.
  فرع رابع لهم: وهو أن محله الحواس، وقيل: بل محله القلب.
  قلنا: لو كان فيه لصح الإدراك مع فساد الحاسة أو إطباقها؛ لأن إطباقها في حكم فسادها.
  قلت: ويجاب بأن سلامة الحاسة شرط في صحة الإدراك، فلا يلزم من عدم الإدراك لفوات شرطه بطلان القول بأن محله القلب، والأولى رده بأنه خلاف الظاهر، ولا دليل عليه. والله أعلم.