مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

قوله تعالى: {إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون 6 ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم 7}

صفحة 1591 - الجزء 3

  فعله، ولا يجب علينا فعل ذلك الاعتقاد إلا والعقاب مستحق؛ لأنه لو لم يكن مستحقاً لكان قد وجب علينا فعل القبيح⁣(⁣١)، وذلك لا يجوز.

  فإن قيل: إنه إنما يكون لطفاً إذا ثبت أنه مستحق، فأما وليس بمستحق فلا يكون لطفاً.

  قيل: إذا ثبت أنه لطف ولا بد من فعل اللطف، فلا بد من القول باستحقاقه، فيتوصل به إلى ثبوت الاستحقاق.

  قلت: وهذا مبني على القول بوجوب اللطف.

  الدليل الثالث: ذكره أبو هاشم وهو أن القديم تعالى خلق فينا شهوة القبيح مع الإعلام بقبحه والتمكين منه، وخلق فينا أيضاً النفرة من الحسن مع الإعلام بحسنه والتمكين منه، فلو لم يكن العقاب مستحقاً بالإقدام على القبيح والإخلال بالواجب لكان مغرياً بالقبيح الذي هو الإقدام والإخلال؛ إذ ليس الإغراء بأكثر من أن تقوى دواعيه إلى أمر من الأمور على وجه يأمن الضرر عاجلاً وآجلاً، والإغراء بالقبيح لا يجوز على الله تعالى، فوجب أن يكون في مقابلة خلق الشهوة والنفرة صارف يزجرنا عن الإقدام على المقبحات، ويرغبنا في الإتيان بالواجبات يساوي ذلك الداعي حتى لا يكون بفعله إياه داعياً لنا إلى القبيح، ولا يقدر في عقولنا صارفاً عنه إلا كوننا نستحق من جهته عقاباً عليه.


(١) يعني أنه لو لم يكن ثابتاً لكان قد وجب علينا اعتقاد الشيء على خلاف ما هو به وهو جهل، والجهل قبيح. تمت. مؤلف.