مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الثالثة عشرة [قطعية وعيد الكفار]

صفحة 1603 - الجزء 3

  فإن قلت: ومن أين لكم الفرق بين الشهوات الحاصلة في أول أحوال التكليف والحاصلة من بعده؟

  قلت: لا شك في اختلاف الحال في قوة الشهوة وضعفها في كثير من الحالات، ومن المعلوم أن المكلف في أول تكليفه لا يكون منهمكاً في المعاصي كانهماكه من بعد، وغاية الأمر أنه لم يقع تنبه للفرق بين الشهوات الحاصلة في أول أحوال التكليف والشهوات المتأخرة عنها، وسبب ذلك قصر المدة، وإنما هي قدر مهلة النظر.

  قال الإمام المهدي #: وبين ابتداء النظر في مقدمات الدليل وإنتاجه هينهة قليلة جداً، لا كما يزعم كثيرٌ من المغفلين أن النظر لا يولد العلم إلا بعد أيام وشهور وأعوام، فإن ذلك مما لا يقول أحد ممن له أدنى بصيرة في علم الكلام؛ إذ يؤدي إلى الاقتحام على التعطيل عن كثير من الأحكام، بل إلى الخروج عن الإسلام.

تنبيه: [عواقب من لم يعمل]

  من ترك النظر في معرفة الله تعالى، واستحقاق العقاب بعد تنبيه الله له بالخاطر أو نحوه في أول أحوال التكليف على وجوب النظر جاز تزايد الشهوة في حقه، ولا يكون إغراء بالقبيح؛ لأنه قد صار مع الخاطر كالعالم بالاستحقاق؛ إذ أقل أحوال الخاطر أن يصير العقاب موهوماً، ولا فرق في العقل بين الضرر المعلوم، والضرر الموهوم في وجوب التحرز منهما، والحاصل أن حصول التجويز باستحقاق العقاب على اتباع الشهوة كالعلم به بعد تمكينه من هذا العلم،