مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الثالثة عشرة [قطعية وعيد الكفار]

صفحة 1604 - الجزء 3

  والبعث عليه، وإن لم يفعله - أعني العلم - ويبطل الإغراء بالتمكين من الصارف عن القبيح، كما يبطل بحصول العلم، وتكون غلبة الشهوة كأنها من جهة المكلف لما أخل بدفع تلك الغلبة بعد التمكين من ذلك. والله أعلم.

  وبهذا تم الكلام على تقرير الدليل الذي اعتمده أبو هاشم، ودفع ما ورد عليه، والحمد لله رب العالمين.

  الدليل الرابع: ذكره الموفق بالله #، والسيد ما نكديم، وقاضي القضاة، والحاكم وغيرهم، وتحريره أن القديم تعالى أوجب علينا الواجبات، واجتناب المقبحات، وعرفنا وجوب ما يجب، وقبح ما يقبح، فلا بد لهذا الإيجاب والتعريف من وجه، ولا وجه له إلا أنا إذا أخللنا به أو أقدمنا على خلافه من قبيح ونحوه استحققنا من جهته تعالى ضرراً عظيماً؛ إذ لا نجوز أن يجب لمكان الثواب والنفع؛ لأن الشيء لا يجب علينا لمكان نفع، ولذلك لا يحسن منا ذم التجار الذين يقدرون على اكتساب الأرباح إن تركوا ذلك، وأيضاً لو وجب لمكان النفع للزم حسن إيجاب النوافل؛ لأن بها يستحق الثواب.

  قال السيد مانكديم: ومعلوم خلافه. ولا يجوز أن يجب لكونه واجباً، ويقبح لكونه قبيحاً؛ لأن وجوب الشيء في نفسه أو قبحه لا يقتضي حسن الإلزام بفعله أو النهي عنه لوجوه:

  أحدها: أنه قد يجب على الله الشيء عند بعض أصحابنا ولا يحسن منا إلزامه به.