مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

قوله تعالى: {إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون 6 ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم 7}

صفحة 1605 - الجزء 3

  الثاني: أنه لا يحسن منا الإلزام لما علمنا وجوبه قبل ورود السمع بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولو كان وجه وجوبه كونه واجباً لحسن منا ذلك كما يحسن من الباري تعالى، وإن تضرر الغير بأوامرنا ونواهينا، ولو وجب أن نعلم حسنه ضرورة كما نعلم حسن الإحسان لكونه إحساناً. وإنما قلنا بلزوم حسنه لحصول الوجه الذي لأجله حسن من الباري تعالى، وهو كونه إلزاماً لواجب، ولما علمنا أنه لا يحسن منا كما يحسن من الباري تعالى علمنا أنه لم يحسن منه تعالى لمجرد كونه إلزاماً لواجب في نفسه أو نهياً عن قبيح في نفسه، بل لأمر زائد، ولا وجه يمكن تقديره سوى أن وجه حسن إعلامه بوجوبه كونه تعريضاً للثواب المستحق بفعله، وأما إلزامه فعله وحتمه، فليس لأجل تحصيل الثواب؛ إذ تحصيل النفع لا يجب كما مر، بل لأن عليه في الإخلال به بعد العلم بوجوبه مضرة عظيمة فألزمه دفع الضرر عن نفسه، فظهر لك أن حسن الحتم والإلزام غير وجه الإعلام. وهاهنا نكتة ذكرها الإمام المهدي # وهي: أن أصحابنا قد ذكروا أن وجه حسن التكليف على سبيل الجملة كونه تعريضاً لمنافع لا تنال إلا به، ومرادهم بالتكليف هنا مجرد خلق العلم العاشر من علوم العقل، وهو العلم بوجوب الواجبات، وقبح المقبحات، وإنما يستحق عليها تلك المنافع لجعلها شاقة عليه وفعلها باختياره لا بإلجائه، ولو فرضناها غير شاقة لم يستحق عليها ثواباً.

  قال #: ثم إن أصحابنا قد قالوا: إن التكليف للثواب لا يحسن، وإنما يحسن لدفع الضرر.