قوله تعالى: {إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون 6 ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم 7}
  إنه صار سمعياً، بل مركب منهما، ولا مانع من ذلك، ولا يخرج به الدليل عن كونه عقلياً إلى كونه سمعياً.
  قلت: هذا على تسليم أن المراد بالإيجاب هو الإيجاب الشرعي وهو الأمر والإلزام، فأما إذا حمل على الإيجاب العقلي فلا يرد الاعتراض، بل يكون الدليل عقلياً محضاً.
  قال النجري: وتحريره أن يقال: قد أوجب الله علينا واجبات عقلية أي أعلمنا بوجوبها، ومكننا من تركها، وخلق لنا نفرة عنها، فلا بد من زاجر يزجرنا عنها، وليس هو فوات النفع المستحق على فعلها للتسامح بالنفع الآجل عادة، فيجب أن يكون ضرراً يحسن إنزاله بنا عند تركها.
  قال (|): وبهذا يندفع التناقض في كلامهم حيث يقولون مرة: إن وجه الإيجاب التعريض لمنافع الثواب، وتارة إن وجهه التحرز من المضار.
  فيقال: إن أصل الإيجاب للتعريض، لكن لما لم يتم إلا بما يزجر عن الترك حسن العقاب، فصار وجوب فعله علينا للتحرز من المضار، وكذا إذا قيل: إن وجوبه لوقوعه على وجه لا للتحرز.
  فالجواب هو بمراعاة جهتي الاعتبار يدرك ذلك بالتأمل وإمعان النظر.
  الدليل الخامس: ذكره أئمة الهدى القاسم بن إبراهيم في كتاب (الرد على الملحد)، والهادي إلى الحق في (البالغ المدرك)، والإمام أحمد بن سليمان في (حقائق المعرفة)، وهو: أن الله تعالى أمر عباده بالطاعة،