قوله تعالى: {إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون 6 ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم 7}
  الثاني: أنا لم نقل إنه يحسن من الله تعالى عقاب المكلف لنفع يعود عليه كتشفي الغيظ أو نحوه، ولا على المعاقب ولا على الغير؛ لأن هذه الوجوه كلها لا تأثير لها في حسن العقاب، وإنما قلنا: إنه يحسن من الله عقاب المكلف لاستحقاقه إياه بإقدامه على القبائح وإخلاله بالواجبات. ثم إنا نقول لهم: ما تقولون في الذم فإنه ضرر، فيجب أن لا يحسن إلا للتشفي والالتذاذ أو للنفع على ما ذكرتموه، والمعلوم خلافه.
  فإن قلتم: لا يحسن إلاَّ للاستحقاق.
  قلنا: فارضوا منا بمثله في العقاب.
  الشبهة الثانية: أن الله تعالى كلف الكافر مع علمه بأنه لا يؤمن، وأنه لا يظهر منه إلا العصيان، فيكون التكليف حينئذٍ سبباً للعقاب، والعقاب ضرر خال عن النفع، فوجب قبح التكليف للكافر. والحكيم لا يفعل القبيح، فلم يبق إلا القول بقبح التكليف، أو سقوط العقاب.
  قلت: وهذه الشبهة قد ضل بها كثير من الناس، فالملحدة توصلوا بها إلى نفي الصانع، وقالوا: لو كان هاهنا صانع حكيم لما صدر منه مثل هذا التكليف، والمجبرة جعلوها أعظم شبههم في إبطال التحسين والتقبيح العقليين، فإنا إذا حكمنا بأن القبيح يقبح منه تعالى كما يقبح منا، قالوا: إن هذا التكليف قبيح لا محالة لو فعله الواحد منا، وقد حسن من الله تعالى.