مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

قوله تعالى: {إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون 6 ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم 7}

صفحة 1617 - الجزء 3

  قال القرشي: وقد جعلها قوم شبهة في إثبات ثان.

  قلت: لعله أراد من ينسب الخير إلى النور، والشر إلى الظلمة.

  والجواب والله الموفق: أما من ينكر الصانع فلا يحسن الجواب عليه في هذه المسألة إلا على جهة التبع⁣(⁣١)، كما لا يحسن الكلام مع اليهود والنصارى في مسألة المسح على الخفين مع إنكارهم النبوة، وكذلك من يثبت الثاني؛ إذ هو جاهل للصانع.

  وأما المجبرة فالجواب عليهم من وجوه:

  أحدها: أنه لا نزاع بين العقلاء في أن الإحسان إلى الغير حسن، وإذا ثبت حسنه بالاتفاق، فينبغي النظر في ثلاثة أمور:

  أحدها: في حقيقة الإحسان.

  والثاني: في وجه حسنه.

  والثالث: في هذا التكليف هل حصلت فيه تلك الحقيقة أم لا؟

  فأما الأمر الأول وهو حقيقة الإحسان: فهو تمكين الغير من منفعة لا على وجه يقبح، أو دفع مضرة عنه كذلك مع القصد، ذكر هذا الحد الإمام المهدي #، وقد خرج بقوله: تمكين الغير تمكين النفس من الانتفاع، فإنه لا يسمى إحساناً، بل حسناً؛ لأن المعلوم من اللغة أن من أكل ما يتلذذ به فإن أكله لا يسمى إحساناً بل حسناً. وخرج


(١) لأن الكلام في حسن التكليف أو قبحه وثبوت العقاب أو نفيه مترتب على إثبات الصانع المختار كما أن مسألة المسح على الخفين مترتبة على إثبات النبوة. تمت مؤلف.