قوله تعالى: {إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون 6 ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم 7}
  بقوله: من منفعة التمكينُ مما لا منفعة فيه، وبقوله: لا على وجه يقبح إعطاء الحرام من ينتفع به فإنه لا يكون إحساناً؛ إذ المعلوم من اللغة أن الإحسان فعل حسن وهذا قبيح، وقال: أو دفع مضرة كذلك أي لا على وجه يقبح؛ لأن دفع المضرة عن الغير إحسان بلا ريب، وخرج بقوله: لا على وجه يقبح دفع المضرة عن الغير بمضرة أخرى راجحة أو مساوية فإنه لا يكون محسناً بذلك قطعاً، وقال: مع القصد لأنه لو صدر منه النفع أو الدفع لا على قصد التمكين أو الدفع لم يكن محسناً.
  قال #: ولم نرد أنه قصد أنه ينتفع به ذلك المحسن إليه، وإنما أردنا قصد التمكين والدفع فقط، فذلك كاف في كونه إحساناً. فهذه حقيقة الإحسان لغة، وعرفاً، واصطلاحاً؛ لأن هذه القيود إذا اجتمعت في فعل سمي إحساناً، ومتى اختلت أو أحدها لم يسم إحساناً، وهذا الحد صحيح لاطراده وانعكاسه مع الإبانة عن المحدود.
  فإن قيل: بل هو غير صحيح؛ لأنكم تركتم قيدين لا بد من اعتبارهما، وإلا فسد الحد، وخرج الفعل عن كونه إحساناً.
  أحدهما: علم فاعل الإحسان بالانتفاع، وإلا كان عبثاً.
  الثاني: أن يريد انتفاع المحسن إليه بذلك الإحسان، وإلا عاد على غرضه بالنقض والإبطال، فيقبح.
  والجواب عن القيد الأول: أنا لا نسلم أن المحسن إذا لم يعلم بالانتفاع يكون عبثاً؛ لأن فعل الإحسان إنما يحسن لكونه تمكيناً