مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

قوله تعالى: {إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون 6 ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم 7}

صفحة 1623 - الجزء 3

  فإنا إذا نظرنا في هذه المسألة وأنصفنا علمنا علماً يقيناً لا شك فيه أن تلك الحقيقة شاملة لها، وأن وجه الحسن حاصل فيها، وإذا شملتها هذه الحقيقة وحصل الوجه، وجب القول بحسن تكليف من علم الله أنه يموت على الكفر، وأن ذلك نعمة من الله تعالى على ذلك المكلف؛ وتوضيحه أن الله تعالى قد أقدر الكافر على الإيمان، وأعلمه أن له فيه منافع أبدية لا يعدل بها منفعة، وأقدره على دفع مضرة الكفر بأن مكنه من الإيمان تمكيناً تاماً بخلق القدرة عليه والعلم به، وبما له فيه من المنافع العظيمة، وبما عليه من المضرة بالإخلال به، فقد حصلت فيه حقيقة الإحسان.

  ألا ترى أنه مكنه من منفعة لا على وجه يقبح مع القصد إلى ذلك، وإذا ثبت حصول الحقيقة علم حصول وجه الحسن، وهو كونه تمكيناً كذلك، فثبت حسن هذا التكليف كما ثبت حسن الإحسان، وانتفى الإشكال، والحمد لله ذي المن والإفضال.

  الوجه الثاني من أوجه الجواب: أن هذا التكليف صدر من جهة الله تعالى بلا شك، فقد ثبت عدل الله وحكمته، وأنه لا يختار القبيح ولا يفعله، ولا بد أن يكون حسناً؛ إذ لو كان قبيحاً لم يفعله تعالى.

  قال السيد مانكديم: وبهذا الوجه تحل شبهة العامي من أصحابنا، ونجيبه بهذه الطريقة، ونقول له: إن هذا القدر كافيك، ولست بمحتاج إلى معرفة وجه الحكمة على جهة التفصيل.

  قلت: وقد ذكر هذا الوجه القاسم بن إبراهيم في كتاب الرد