مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

قوله تعالى: {إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون 6 ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم 7}

صفحة 1625 - الجزء 3

  بالتكليف، كما أن من قدم طعاماً إلى جائعين ليدفعا به ضرر الجوع فتناول أحدهما دون الآخر لا يخرج عن كونه منعماً، بل المعلوم ضرورة أنه منعم عليهما، ومحسن إليهما جميعاً، ولا يقال: إنه إنما يكون منعماً على الذي قبل فقط.

  فإن قيل: المؤمن اختار الإيمان وهو غير ثابت في الكافر.

  قيل: ليس وجه حسن التكليف اختيار المؤمن للإيمان؛ إذ اختياره متأخر عن التكليف، فكيف يصير وجهاً في حسنه، والمعلوم أن وجه الحسن لا بد وأن يقارن⁣(⁣١)؛ على أن ذلك لو قدح في حسن التكليف لوجب مثله في الشاهد حتى لا يحسن من أحدنا أن يقدم الطعام إلى من لا يقبل.

  قال السيد مانكديم: ومعلوم خلافه.

  قال الإمام المهدي #: بل للخصم أن ينازع في حسن تقديم الطعام إلى من يجوز أن الجائع يتناوله، فأما مع تيقن عدم قبوله فإنه يصير عبثاً لا فائدة تحته، فلا تنقطع حجة الخصم إلا بالنظر في الأمور الثلاثة التي ذكرناها في الوجه الأول، ثم ننظر في تقديم الطعام إلى الجائع الذي لا يقبل هل قد شملته حقيقة الإحسان، ووجه حسنه أم لا؟ إلا أن هذا يصير تقديم الطعام في هذه الصور استدلالياً ضرورياً، وحينئذٍ لم يكن الاستدلال بهذه الصورة على حسن ذلك التكليف بأولى من العكس؛ لأنهما سواء بالنظر إلى الوجه الأول


(١) وكذا وجه القبح. تمت مؤلف.