مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

قوله تعالى: {إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون 6 ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم 7}

صفحة 1626 - الجزء 3

  فيستدل به عليهما جميعاً، اللهم إلا أن نقيس هذه الصورة على ما يوافق الخصم على حسنه، وذلك حيث يكون مقدم الطعام مجوزاً للانتفاع به، والعلة الجامعة حصول حقيقة الإحسان ووجه حسنه في الصورتين، فحينئذٍ يصح الاستدلال بها؛ وقد أشار إلى ذلك السيد مانكديم في شرح الأصول حيث قال: فإن قيل: ما أنكرتم إنه إنما قبح تكليف الكافر لأنه تعالى علم من حاله أنه يكفر، فجوابنا عن ذلك: لو قبح من الله تعالى تكليف الكافر للعلم بأنه يكفر لقبح من الواحد منا تقديم الطعام إلى الغير للعلم بأنه لا يتناوله، ولا ينتفع به، وكذلك يقبح إدلاء الحبل إلى الغريق للعلم بأنه لا يتشبث به.

  فإن قال: وكذا أقول.

  قلنا: لو قبح مع العلم لقبح مع غلبة الظن؛ لأن العلم والظن سيان فيما طريقه طريق المنافع والمضار؛ ألا ترى أن أحدنا لو غلب في ظنه أنه يربح من سفره فإنه يحسن منه السفر كما يحسن منه مع العلم، وبالعكس من ذلك لو غلب في ظنه أنه يخسر في سفره فإنه لا يحسن منه أن يسافر كما لا يحسن منه مع العلم، فكان يجب أن يقبح من الواحد منا إدلاء الحبل إلى الغريق، إذا غلب في ظنه أنه لا يتشبث به، وأن يقبح منه تقديم الطعام إلى الجائع إذا غلب في ظنه أنه لا ينتفع به ولا يتناوله، ومعلوم خلافه.

  قلت: ونحو كلام السيد هذا ذكره القرشي في المنهاج وهو يشير إلى ما تقدم من القياس ولا علة نقدرها جامعة بين الصورتين إلا ما تقدم، وإذا ثبت حسن تقديم الطعام إلى من يعلم أنه لا يقبل ثبت حسن