مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

قوله تعالى: {إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون 6 ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم 7}

صفحة 1631 - الجزء 3

  فإن قيل: لا نسلم أن الإرادة تتعلق بالمعلوم أنه لا يقع، وإنما ذلك الذي سميتموه إرادة تَمن، ولا نسلم أيضاً استواء المعلوم وقوعه، والمعلوم عدم وقوعه في صحة الحدوث، فإن القدرة على خلاف المعلوم محال عندنا.

  قيل في الجواب عن الأول: أن ذلك ينبئ عن جهلكم، فإن التمني من أقسام الكلام، والفرق بين الإرادة والكلام جلي. وعن الثاني: بأن القدرة لو كانت على خلاف المعلوم محالاً لكان لا يصح في القادر على الشيء أن يكون قادراً على الضدين؛ لأن المعلوم أنه لا يكون إلا أحدهما لا محالة، وفي علمنا بأن القادر قادر على الضدين دليل على فساد ما قلتم.

  قالوا: إذا كان غرض القديم تعالى بالتكليف نفع العباد، فهلا كلفهم على وجه آخر إذا أتوا به استحقوا المدح والثواب، وإذا لم يأتوا به لم يستحقوا الذم والعقاب.

  قلنا: هذا مبني على أن في التكليف جهة أخرى تقوم مقام هذا في الغرض، ولسنا نسلمه، كما لا يمكن الوالد إبلاغ ولده درجات الكمال من دون طريقة التعليم.

  فإن قيل: بل هاهنا جهة أخرى وهي النوافل التي يثاب على فعلها ولا يعاقب على تركها، فهلا اقتصر في التكليف عليها.

  قيل: لا يحسن التكليف بها ابتداء، بل على جهة التبع للواجبات عند من جعل وجه حسن التكليف بها كونها مسهلة للفرائض،