مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

قوله تعالى: {إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون 6 ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم 7}

صفحة 1632 - الجزء 3

  وداعية إليها، وأما من يجعل الوجه في ذلك كونها لطفاً في مندوبات عقلية، فنقول: إن النفع في الواجبات أعظم فتكون النعمة في التكليف بها أعظم، والراد لذلك أتي من جهة نفسه.

  قال في (المنهاج): وله أن يقول أيضاً ليس يصح أن يكلفه بالنوافل إلا بشروطٍ، حصولُها معها ومع الواجبات، وترك المقبحات على سواء.

  منها: أن يقدره عليها، والقدرة تتعلق بالكل على سواء، ومنها: أن يكمل له عقله، ومن جملة كمال العقل العلم بوجوب الواجبات وقبح المقبحات، ومنها: أن يجعلها شاقة بخلق النفرة عنها، ومتى تكاملت شرائط التكليف بالجميع وجب التكليف بالجميع.

  قلت: وهو كلام حسن، على أن كثيراً من الناس أوجب تمام النوافل عند الدخول فيها، ومن تركها بعد الدخول استحق العقاب؛ وعلى هذا يبطل غرض السائل. ثم إنه قد تكرر أن المراد بالتكليف تعريض المكلف على درجة لا تنال إلا به، وليس الغرض به وصول المكلف إلى الثواب، والغرض بالتكليف حاصل، سواء وصل المكلف إلى الثواب أم لا.

  قالوا: إذا كلف الكافر وقد علم أنه لا يؤمن فكأنه أمره بتجهيله⁣(⁣١) وذلك فاسد، وأيضاً فقد كلفه ما لا يطيق؛ لأن القدرة على خلاف المعلوم محال.


(١) أي تجهيل الله تعالى. تمت مؤلف.