مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

قوله تعالى: {إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون 6 ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم 7}

صفحة 1634 - الجزء 3

  قالوا: لو كان غرضه تعالى نفع المكلف لمنعه من الكفر.

  قلنا: إن أردتم لمنعه بالقهر والجبر فذلك يبطل التكليف الذي هو تعريض للنفع، فكأنكم قلتم: لو أراد النفع لفعل ما يبطل النفع، وإن أردتم المنع الذي يبقى معه التكليف فليس إلا النهي والوعيد، وقد فعله الله تعالى.

  قالوا: وكيف عدل الباري تعالى بالمكلف عن النفع المتيقن الذي هو التفضل إلى التكليف الذي هو سبب فوات النفع، بل في حصول الضرر.

  قلنا: الثواب نفع عظيم يستحق على طريقة التعظيم، وما هذا حاله لا يحسن الابتداء بمثله؛ ألا ترى أنه لا يحسن من أحدنا أن يعظم أجنبياً كتعظيم والديه، ولا أن يعظم والديه كتعظيم النبي، وليس ذلك إلا لعدم الاستحقاق، فصح أنه لا يحسن الابتداء به، ثم إن التكليف تفضل، وليس على الله تعالى اقتراح في اختيار تفضل على تفضل.

  قال القرشي: على أن النعمة بالتكليف أفضل لتأدية ذلك إلى المنافع العظيمة وصار كالوالد فإنه يعدل بولده عن الراحة إلى المشاق لتأديته إلى المنافع. وقولهم: إن التفضل متيقن غير صحيح؛ لأنه غير واجب فمن أين يتيقن، وقولهم: إن التكليف سبب في فوات النفع وحصول الضرر باطل بما تقدم من أن السبب المعصية؛ يوضحه أنه يحسن عقلاً العفو عن الكافر، بمعنى أنه لا يحيله. والله أعلم.