مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

قوله تعالى: {إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون 6 ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم 7}

صفحة 1658 - الجزء 3

  والجواب: أنا لم نقل إنه محتاج إليه، لكنا نقول: هو حقه فهل يحسن من صاحب الحق استيفاء حقه، وإن كان غنياً عنه، إن قلتم:

  لا خالفتم الضرورة، وإن قلتم: نعم فهو المطلوب.

  الطريقة الثالثة: أن الله تعالى قد نهى عن استيفاء الزيادة كما في الآيتين.

  والجواب: إن أردتم بالزيادة ما زاد على القدر المستحق كما يفيده آخر كلامكم فمسلم، وإن أردتم بالزيادة ما زاد على قدر الفعل وإن كانت مستحقة، فلا نسلم؛ لما مر على أنها لا تتصور المماثلة لما يأتي.

  واعلم أن المراد بالنهي عن الإسراف في القتل هو النهي عن المثلة ونحوها مما ليس بمستحق، وأما الآية الثانية فظاهرها متروك؛ لأن مثلية العقوبة للفعل غير ثابتة، فإن المعصية مستلذة، والعقاب منفور عنه مؤلم، والمعصية قبيحة وجزاؤها حسن، وإذا عدل بها عن الظاهر صارت مجازاً، والمجاز ظني فلم يبق إلا تأويلها بما يوافق الأدلة القاطعة، فنقول: الآية واردة مورد المشاكلة أطلق على العقاب سيئة مشاكلة للفظ سيئة في قوله: من عمل سيئة وهو نوع من الفصاحة مشهور، وإلا فالمعنى المراد من عمل سيئة فلا يجزى إلا العقاب، فالمعصية سبب في وقوع العقاب وعلة فيه، ولا مانع أن تكون المعصية، وإن كانت متناهية علة في حسن دوام العقاب كما اقتضت حسن دوام الذم.

  قال السيد أحمد بن محمد الشرفي (|): ويمكن أن يراد بالمماثلة المعادلة أي لا يجزي إلا عدلها بكسر العين أي ما يعادلها، وهو العذاب الدائم؛ لأن عصيان المالك المنعم يعظم في القليل كما يعظم في الكثير،