مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

قوله تعالى: {إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون 6 ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم 7}

صفحة 1659 - الجزء 3

  فلا يعادله إلا دوام العقاب، يدل على ذلك في الشاهد قطع يد السارق التي ديتها خمسمائة مثقال في عشرة دراهم قفلة.

  وقال الإمام المهدي #: إنما أراد بالآية أنه لا يزاد في العقاب عليها على القدر المستحق، بخلاف الثواب فقد وعد بالزيادة فيه على القدر المستحق؛ حيث قال: {وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ}⁣[النساء: ١٧٣] وهذا مطابق لمعناها، وسياقها، وجمع بينها وبين غيرها من الأدلة.

  الشبهة السابعة: أن المعصية لو بلغت ما بلغت كان العبد مواظباً عليها طول عمره، ثم تاب ومات على التوبة فإن الله تعالى يقبل توبته، ويعفو عنه فَلِمَ لا يقبل توبته في الآخرة ويعفو عنه؛ وأيضاً قد أمر بالدعاء ووعد بالإجابة، فلم لا يقبل دعاءَه ويستجيب له عند بلوغ الضرر الغاية، وهو القائل: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ}⁣[النمل: ٦٢] قالوا: فهذه الوجوه يعني الشبه التي تقدمت كلها توجب القطع بعدم العقاب.

  والجواب: أن التوبة إنما يكون لها حكم إذا لم يكن التائب ملجأ، كالاعتذار فإنه لو اعتذر وهو ملجأ إليه لم يكن لاعتذراه حكم، ولا يسقط به الذم، وقد ثبت أن العقاب يستحق بما يستحق به الذم ويسقط بما يسقط به، فإذا كان الذم لا يسقط باعتذار الملجأ فالعقاب مثله، وكذلك الكلام في الدعاء؛ لأنه نوع من الاعتذار على أن إجابة الداعي مشروطة بالمصلحة، فإذا علم أن لا مصلحة في إجابتهم قبحت الاستجابة؛ وأما الآية فليست على ظاهرها فكم من مضطر يدعو