قوله تعالى: {إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون 6 ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم 7}
  فلا يجاب فتعين كون الإجابة موقوفة على المصلحة، على أن الزمخشري وغيره لم يحملوا الآية على العموم، بل جعلوا التعريف في المضطر للجنس الصادق ببعض الأفراد.
  قال الزمخشري (|): وأما المضطر فمتناول للجنس مطلقاً يصلح لكله ولبعضه، فلا طريق إلى الجزم على أحدهما إلا بدليل، وقد قام الدليل على البعض وهو الذي إجابته مصلحة فبطل التناول على العموم. وهاهنا وجه آخر يدل على عدم حسن قبول التوبة والدعاء في الآخرة، وهو أنه لو جاز قبولهما لكان في ذلك إغراء بالمعاصي؛ لأن العاصي إذا علم قبول توبته ودعائه عند وقوع العذاب به لم يكف عن المعصية؛ لأنه وإن علم الوعيد الشديد على فعلها وهو يعلم سقوط ذلك عنه في الآخرة بما ذكر فإنه يؤثر شهوته العاجلة، ثم يتوب عنها، ويدعو فيزول عنه عقابها فأي صارف يصرفه عن القبائح حينئذٍ، وهذا وجه واضح لا غبار عليه. وهذا آخر الكلام على هذه الشبه التي يزعمون أنها دلائل عقلية توجب القطع بعدم العقاب، وقد تبين لك بحمد الله وحسن توفيقه وإعانته بطلانها، وانهدام أركانها، وأنها عن قضايا العقول بمعزل، بل العقل كما قررنا يقضي بخلافها، ويحكم بضد أحكامها، وكيف يجوز من العقل السليم أن يحكم بما يخالف ما علم في الذكر الحكيم، حاشا حجج الله من التناقض والاختلاف، وعدم المطابقة والائتلاف، والحمد لله رب العالمين.