قوله تعالى: {إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون 6 ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم 7}
  وأما قولهم: إنها مبنية على نقل قواعد النحو والصرف وهي آحادية، فلا نسلم توقفها كلها على ذلك كما تقدم. سلمنا، فلا نسلم عدم بلوغهم حد التواتر في أكثر تلك القواعد، بل هم في الكثرة والوفرة أضعاف من يحتاج إليه في التواتر، وذلك أشهر من نار على علم، ولا يمتري فيه من له أدنى إلمام بكتب الأدب واهتمامهم بجمع تلك القواعد من البراهين الساطعة الدالة على حصول العلم الضروري بحقيتها، واقتضاء كلام العرب لها، لولا ذلك لما وقع الاتفاق على أكثرها والاستمرار عليه، وعدم التغيير والتبديل فيها، هكذا تناسلت عليه القرون إلى وقتنا هذا، فلولا حصول العلم الضروري بها لما وقع هذا الاستمرار.
  واعلم أن بعض العلماء قد شكك في التواتر بما هو معروف، وحاصل ما شكك به أن التواتر نقل جماعة عن جماعة يستحيل تواطؤهم على الكذب عادة مستندين إلى الحِسَّ.
  وقد قيل: إن الواضع لم يتعين فإلى من ينتهي النقل، وأيضاً إن الناقلين إنما نقلوا ما فهموا من إطلاقات العرب المحفوفة بالقرائن، لا أنهم نقلوا أن العربي قال: إن هذا اللفظ موضوع لهذا المعنى، وأيضاً لا يعلم استواء الطرفين والوسط، فلعل النقل انتهى في بعض الأدوار الماضية إلى الآحاد.
  والجواب: أنه ينتهي النقل إلى الواضع والاتفاق على حصوله في الجملة كاف، وليس تعيينه مما تتوفر الدواعي إلى نقله كاللغة،