مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

قوله تعالى: {إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون 6 ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم 7}

صفحة 1672 - الجزء 3

  واعلم أنا قد قدمنا أن المقصد بالخطاب فهم معناه، والعموم معناه الشمول، فوجب حمله عليه قطعاً، سيما في مسائل الاعتقاد فإنه لا غرض بالخطاب بها إلا ليعتقد معناها، فلو لم يرد بها ظاهرها لم يجز الخطاب بها إلا مع بيان المراد منها؛ لئلا تحملنا على اعتقاد جهل. والله أعلم.

  الوجه الثالث: قالوا: إنكم تقولون: إن الوعيد مشروط بعدم التوبة وإن لم يكن هذا الشرط مذكوراً في النص، فما المانع من كونه مشروطاً بعدم العفو، وإن لم يذكر صريحاً، أو يقول: معناه الإخبار عن الاستحقاق، فتحمل الأخبار بالوقوع على استحقاق الوقوع فقط.

  والجواب: أن ذلك الشرط الذي ذكرناه اقتضته الدلالة، وقامت عليه الحجة، وليس كذلك الحال فيما ذكرتموه، فإنه لا ينبي عنه الظاهر. ولا تقتضيه الدلالة، فلا يجوز إثباته بوجه، وقد تكرر أنه لا يجوز أن يخاطبنا الله بخطاب يريد به غير ما يقتضيه ظاهره، ثم لا يدل عليه؛ لأن ذلك يقدح في حكمته، ويصير ملغزاً معمياً، ثم إنه لو جاز أن يكون في عمومات الوعيد شرط، أو استثناء لم يبينه الله تعالى لجاز مثله في عمومات الوعد، بل يجوز مثله في الأوامر والنواهي، فيقال في أقيموا الصلاة: أن المراد إن اخترتم أو إن لم يشغلكم عنها شاغل، أو نحو ذلك، والمعلوم خلافه؛ لأنه يوجب الانسلاخ من الدين.

  فإن قيل: ليس علينا تكليف في عمومات الوعيد، بخلاف الأوامر والنواهي.