المسألة الأولى [في حقيقة المنافق]
  وأما في الشرع فقد اختلفوا في حقيقته، فالذي نص عليه جماعة من أئمتنا $ وغيرهم أنه من أظهر الإسلام، وأبطن الكفر.
  وروى الإمام المهدي # إجماع الصحابة على ذلك، وهو الذي تدل عليه الآية الكريمة، ويستفاد من سبب نزولها؛ لأنها نزلت في شأن المنافقين على عهد النبي ÷، ولا شك أنهم كانوا يظهرون الإسلام ويبطنون الكفر. ويستفاد من الحد أن من كان خالي القلب عما يطابق ما أظهر، وعما يضاده، فإنه لا يسمى منافقاً.
  وظاهر كلام الرازي أنه منافق؛ لأنه ذكر تقسيمات لأحوال القلب باعتبار حلول الاعتقاد فيه، وخلوه عنه، ثم قال: فهذه هي الأقسام الممكنة في هذا الباب، وقد ظهر منه أن النفاق ما هو وأنه الذي لا يطابق ظاهره باطنه، سواء كان في باطنه ما يضاد ما في ظاهره، أو كان باطنه خالياً عما يشعر به ظاهره(١).
  قلت: ولا يخفى أن ظاهر الآية مع ما بعدها يقضي بخلاف قوله: وهو أنه لا يسمى منافقاً إلا إذا كان في باطنه ما يضاد ظاهره، ويقضي بأنه لا بد أن يكون ذلك الضد كفراً؛ لأن الآيات مسوقة لبيان صفات المنافقين، وما لأجله استحقوا هذا الاسم، ويشهد لذلك آيات أخر، وستأتي إن شاء الله، منها قوله تعالى: {يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ}[التوبة: ٦٤].
  وقال القاسم بن إبراهيم # في رواية عنه: بل المنافق هو المرائي؛
(١) تفسير الرازي جزء (١) صفحة (٢٨١)، انتهى.