تفسير قوله تعالى: {ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين 8}
  لأن النفاق في اللغة الرياء، وهو: إظهار الخير، وإبطان الشر، فهو باق على معناه اللغوي لم ينقله الشرع إلى إظهار خير مخصوص وهو الإسلام، وإبطان شر مخصوص وهو الكفر؛ وروي مثل قوله عن زيد بن علي والناصر @، واختاره الشرفي؛ إذ لا دليل على النقل.
  وأجيب: بأنا لا نسلم أن النفاق في اللغة الرياء فقط، بل هو فيها لما هو أعم(١) منه، كما مر من أنه يظهر أمراً ويظهر خلافه، ويشهد له مأخذه(٢). سلمنا، فليس مطلق الرياء، بل رياء مخصوص، وهو ما ذكرنا، وقد نص على ذلك الهادي #، وحكاه عن العرب، فإنه قال: والنفاق في كلام العرب: إظهار الإيمان وإسرار الكفر، وهو الرياء؛ لأن الرياء: إظهار الخير، وإسرار الشر ثم ذكر أن الفاسق لا يسمى منافقاً؛ لأنه قد أظهر فسقه، ثم قال: كما أن المرائي إذا أظهر ما في قلبه من الشر فقد برئ من الرياء، وصار فاجراً فاسقاً، وكذلك المنافقون لو أُظْهِرَ ما في قلوبهم من الكفر والنفاق لكانوا مجاهرين بالكفر، وزال عنهم اسم النفاق. فهذا تصريح منه # بأن النفاق لغة رياء مخصوص، ويؤيده قول صاحب القاموس: ونافق في الدين: ستر كفره وأظهر إيمانه. وقد استدل في الأساس لمذهب القاسم # بقوله تعالى: {هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ}[آل عمران: ١٦٧] وأجاب عنها، ونحن لا نتكلم على الآيات إلا في مواضعها، إلا أن الذي تقتضيه هذه الآية التي نحن بصددها، وما بعدها من الآيات أن النفاق
(١) لأن الرياء لغة ما ذكره الهادي #، والنفاق أعم منه. تمت مؤلف.
(٢) أي كونه مأخوذ من النافقاء كما مر. تمت مؤلف.