تفسير قوله تعالى: {ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين 8}
  والجواب من وجهين: جملي، وتفصيلي:
  الوجه الأول: الجملي وهو ما ذكره الهادي #، وحاصله أن الله قد فرق بين المنافقين، وأهل الكبائر من أهل الصلاح في كتابه، فوصف المنافقين بأنهم {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ ١٤}[البقرة] وبأنهم يقولون: ما وعدهم الله ورسوله إلا غروراً، ولا يقومون إلى الصلاة إلا وهم كسالى، إلى غير ذلك من الأوصاف التي ليست في أهل الكبائر، فإنهم لا يستهزئون بالله، ولا بالنبي، ولا يقولون: ما وعدنا الله ورسوله إلا غروراً، ومنهم من يقوم إلى الصلاة بنشاط وإخلاص عن الرياء، وإنما آثروا شهواتهم، وبعضهم يوجب الوعيد لنفسه، ويؤمل التوبة، ويسوف بها، وبعضهم يدين بدين المرجئة.
  وقال السيد مانكديم في رد مذهب الحسن البصري: الذي يدل على فساد هذا المذهب: المناظرة التي جرت في ذلك بين عمرو بن عبيد، والحسن، فإنه قال للحسن: أفتقول: إن كل نفاق كفر؟ قال: نعم، قال: أفتقول إن كل فسق نفاق؟ قال: نعم، قال: فيجب في كل فسق أن يكون كفراً، وذلك مما لم يقل به أحد.
  قال السيد مانكديم: تحقيق هذه الجملة أن المنافق صار بالشرع اسماً لمن يستحق العقاب العظيم؛ لأنه أبطن الكفر، وأظهر الإسلام، وصاحب الكبيرة ليس هذا حاله، فلا يستحق هذا الاسم.
  قلت: يقال: لا نسلم أنه منقول عن المعنى اللغوي إلى ما ذكره،