تفسير قوله تعالى: {ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين 8}
  وإن أفادتنا هذه العلامات القطع بأنه مبطن للكفر مهما لم يجاهر به، إلا في أحكام مخصوصة كترك الصلاة عليه، والقيام على قبره ونحو ذلك، وبالجملة فإن الواجب الرجوع في أحكام أهل النفاق إلى ما كان يفعله النبي ÷ من المعاملة والأحكام في منافقي زمانه، والله أعلم بمصالح عباده.
  القسم الثاني: ما يدل على أن من المعاصي ما يؤل بصاحبه إلى النفاق، كالآية التي ذكرها زيد بن علي #، والأخبار التي فيها أن الغناء ينبت النفاق، وذلك أن من المعاصي ما يكون سبباً للخذلان ومنع الألطاف، حتى يختار صاحبها الكفر والنفاق وغيرهما من الكبائر، وقد نبه الله على هذا في مواضع من كتابه، كقوله تعالى: {بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ}[النساء: ١٥٥] {فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ}[التوبة: ٧٧] {وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ ١١٠}[الأنعام] إلى غير ذلك.
  القسم الثالث: ما لا يدل إلا على ثبوت النفاق، وأن الشكل إلى شكله يرغب، كحديث الأرواح، وحديث: «إني لا أتخوف على أمتي» ونحوهما. وقول الناصر # في حديث الأرواح: والمساجد مجالس المسلمين، يعني فهو دليل على أن صاحب الكبيرة يسمى منافقاً، فإنما تصح الدلالة لوكان المنافق بالمعنى الذي ذكرناه مسلوب القدرة على دخول المساجد، وليس كذلك قطعاً، وحينئذٍ فنقول: من الممكن دخول المنافق المسجد، فإذا دخله آخر مثله مال إليه؛ إذ إبطانه للكفر لا يدفع الإمكان، وإذا كان كذلك فلا دلالة في الحديث لما ذهب إليه الناصر #.