مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين 8}

صفحة 1696 - الجزء 3

  قال النجري: فكلامه أقرب إلى كلام النظام، وقد روي عنه كقول النظام سواء سواء. وقال ضرار بن عمرو: هو هذا الجسم الظاهر، كما قاله الجمهور، إلا أنه قال: إن هذا الجسم أعراض مجتمعة تركب منها هذا الشخص الظاهر. وقال معمر بن عباد السلمي: بل هو عين لا تنقسم، ولا هي ذات بعض ولا كل، ولا يجوز عليه الحركة والسكون، ولا الاتصال والانفصال، ولا القرب والبعد، ولا يوصف بما يوصف به الجسم⁣(⁣١) ولا يحتاج إلى مكان لعدم تحيزه، ولا محل؛ إذ ليس بعرض، وهو الذي يدبر هذا البدن الظاهر، ويحركه، ويسكنه ولا يدرك بشيء من الحواس.

  قال النجري: وقد حكي قريب منه عن الغزالي، والحليمي، والبيختي، وقال: وهذا الذي ذهب إليه معمر عدول إلى ما يقوله الفلاسفة في النفوس الناطقة، وهو مبني على إثبات الجواهر الروحانية وقدمها، وهي الهيولى المجردة عن الصورتين. وقال هشام الفوطي: الإنسان جزء لا يتجزأ محله القلب، وقد حكى ابن متويه هذا عن معمر، وهو يخالف القول الأول الذي وافق فيه الفلاسفة. قال السمرقندي: إلا أن معمراً لا يجعله متحيزاً. وقال ابن الراوندي بمثل مقالة الفوطي، إلا أنه زاد عليه بكون الجوارح مسخرة له.

  قال الإمام المهدي: ولعل هشاماً لا يخالفه في ذلك. وقال أبو علي الأسواري: بل هو ما في القلب من الروح وليس بجسم، قال ابن متويه والروح عنده لا يتجزأ. وهذه الثلاثة المذاهب متقاربة،


(١) من التنقل والتحيز تمت مؤلف.