تفسير قوله تعالى: {ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين 8}
  قال النجري: فكلامه أقرب إلى كلام النظام، وقد روي عنه كقول النظام سواء سواء. وقال ضرار بن عمرو: هو هذا الجسم الظاهر، كما قاله الجمهور، إلا أنه قال: إن هذا الجسم أعراض مجتمعة تركب منها هذا الشخص الظاهر. وقال معمر بن عباد السلمي: بل هو عين لا تنقسم، ولا هي ذات بعض ولا كل، ولا يجوز عليه الحركة والسكون، ولا الاتصال والانفصال، ولا القرب والبعد، ولا يوصف بما يوصف به الجسم(١) ولا يحتاج إلى مكان لعدم تحيزه، ولا محل؛ إذ ليس بعرض، وهو الذي يدبر هذا البدن الظاهر، ويحركه، ويسكنه ولا يدرك بشيء من الحواس.
  قال النجري: وقد حكي قريب منه عن الغزالي، والحليمي، والبيختي، وقال: وهذا الذي ذهب إليه معمر عدول إلى ما يقوله الفلاسفة في النفوس الناطقة، وهو مبني على إثبات الجواهر الروحانية وقدمها، وهي الهيولى المجردة عن الصورتين. وقال هشام الفوطي: الإنسان جزء لا يتجزأ محله القلب، وقد حكى ابن متويه هذا عن معمر، وهو يخالف القول الأول الذي وافق فيه الفلاسفة. قال السمرقندي: إلا أن معمراً لا يجعله متحيزاً. وقال ابن الراوندي بمثل مقالة الفوطي، إلا أنه زاد عليه بكون الجوارح مسخرة له.
  قال الإمام المهدي: ولعل هشاماً لا يخالفه في ذلك. وقال أبو علي الأسواري: بل هو ما في القلب من الروح وليس بجسم، قال ابن متويه والروح عنده لا يتجزأ. وهذه الثلاثة المذاهب متقاربة،
(١) من التنقل والتحيز تمت مؤلف.