مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الثانية [في التكليف]

صفحة 1701 - الجزء 3

  وما وجه الملازمة؟ وهذا التأليف عرض لا ينقسم وهو مع ذلك يحل في جزئين يصح انقسامهما؟

  فإن قلتم: وجه الملازمة أنه يستلزم انقسام الحال تبعاً لانقسام المحل.

  قلنا: لا نسلم، فإنه لا يعقل من الحلول إلا الحصول بجنب الغير تبعاً لحصول ذلك الغير، وهذا لا يستلزم انقسام الحال تبعاً لانقسام المحل.

الشبهة الثانية:

  قالوا: الإنسان يتصور صورة كبيرة، وتصور الشيء وتعقله يقتضي حصول صورته في العاقل؛ لأن تعقل النفي الصرف وتمييزه عن غيره محال، وإذا كانت الصورة موجودة في الإنسان وهو متحيز فلا يجوز أن تكون متحيزة لاستحالة تداخل المتحيزات، وإذا كانت غير متحيزة بطل أن يكون محلها جسماً أو جسمانياً؛ لأن كل جسم أو جسماني له مقدار، ومحل، ووضع معين، فلو حلت فيه لزم أن تكون كذلك، ولو كانت كذلك لبطل تجردها عن الشخصيات المذكورة⁣(⁣١)، وإذا بطل أن يكون محلها جسماً أو جسمانياً، وقد ثبت أن محلها العاقل الذي هو الإنسان، بطل كونه جسماً أو جسمانياً، وهو المطلوب.

  والجواب: أنا لا نسلم أن العلم بالشيء يستلزم وجود صورته في العالم، وإنما يحصل بالعلم تمييز المعلوم للعالم فقط، لا وجود صورته فيه، والتصور أحد نوعي العلم، وإنما بنيتم هذه الشبهة على أصل فاسد.


(١) أي: لبطل تجردها عن التحيز والقدر والمحل والوضع المعين. تمت مؤلف.