مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين 8}

صفحة 1714 - الجزء 3

  بالفاعل يتصرف فيها بالاختيار كسائر المحدثات والمصنوعات، وإذا كان كذلك صح أن تتجدد لما سمن حياة لم تكن من قبل، ولا محذور فيه على أصلهم، كما يصح أن تتجدد له علوم لم تكن، وأن تكثر علومه وتقل، وكذلك قدرته، وليس هذا التجدد إلا كتجدد العقل للإنسان بعد أن لم يكن كذلك. والله أعلم.

  وأما من يجعل الحيية⁣(⁣١) صفة موجَبة عن الحياة، فقد أجاب الإمام المهدي بأن الحياة في كلتا الحالتين لم تخرج عن أن تكون صفة للجملة، ثم إذا زادت الأجزاء دخلت بها في أن تكون من جملة الحي، وفارق حالها حال العلم؛ لأنه ليس له إلا معلوم واحد، وشابهت حالها حال القدرة التي لها مقدورات كثيرة، فلو قدرنا تقضي بعض مقدوراتها، وصحة الإعادة بالقدرة لعاد تعلقها كما كان، فتكون مقتضية في كلا الحالين لإيجاد جملة من المقدورات بها، فهذه طريقة القول في ذلك. هذا وأما شبهتهم في كون ذلك الشيء الواحد في القلب، فلما علم ضرورة أن وجود العلم، والشهوة، والإرادة وأضدادها، والفكر والظن من جهة القلب، فعلمنا أن ما صدرت عنه وتصرف فيها وهو الإنسان مستقر في القلب.

  والجواب: أن ذلك لا يقتضي كون الإنسان في القلب، وإنما مقتضاه حصول تلك المعاني فيه، فإذا ثبت أن الإنسان هو مجموع هذه الجملة كان حصول هذه المعاني من جهته، وإنما القلب محل لها.


(١) أي كونه حيا. تمت مؤلف.