مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الثالثة [بطلان قول من زعم أن جميع المكلفين عارفون بالله]

صفحة 1723 - الجزء 3

  لأنه عند الخصم موقوف على اختيار الله تعالى، وهذا يوجب أن يكون الكفار كلهم معذورين في تركهم معرفة الله، وغيرها من المعارف، والخصم إن التزم هذا كفر، وإن لم يلتزمه بطل قوله.

  قالوا: فإن قيل: قد أجاب الجاحظ عن هذا الإلزام، فقال: لا يلزم ما ذكر تموه؛ لأنا نقول: إن العقلاء كلهم عارفون لله تعالى، وإنما بعضهم جحدوا ما عرفوه ضرورة، فلم يبق لهم عذر.

  قيل: الجحود إنما يكون مع التواطئ وهو متعذر في الجماعة الكثيرة.

  قلت: وفي هذا الجواب نظر، فإن المعلوم كثرة جماعة قريش وتواطئهم على تكذيب النبي ÷، وكذلك اليهود؛ ولا أدري ما وجه منع الكثرة للتواطئ مع قوله تعالى: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ}⁣[النمل: ١٤] فإن قالوا: وجهه العادة.

  قيل: ما كان مستنده العادة جاز تخلفه في بعض الأحوال، أو وجب على قول؛ لئلا يلتبس الجائز بالواجب كما مر في الفاتحة.

  واعلم أن القول بأن غير العارف لا يكون معذوراً مبني على قبح الإهمال بعد كمال العقل؛ وقد تقدم التنبيه على ذلك في المسألة السابعة من مسائل الحمد لله⁣(⁣١)، وإذا كان قبيحاً فلابد من التكليف؛ إلا أنه يجب تنبيه المكلف على النظر إما بخاطر، أو نحوه؛ لئلا يكون من تكليف الغافل⁣(⁣٢).


(١) في الموضع الثالث منها. تمت مؤلف.

(٢) بالغين المعجمة والفا. تمت مؤلف.