مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون 9}

صفحة 1759 - الجزء 3

  الكفار في الحرب كيف ما أمكن، إلا أن يكون فيه نقض عهد أو أمان، فلا يجوز. ويجاب بأن تحريم الكذب والخداع عقلي، والحكم العقلي لا يتغير بحال. ورد بأنه قد مر عن الإمام المهدي أن الكذب المحرم عقلاً إنما هو الكذب الذي لا نفع فيه، وبأنهم قد اتفقوا على جواز الكذب عند الاضطرار، كما لو قصد ظالم قتل رجل مختف عند آخر، فإنه ينفي كونه عنده، ويحلف على ذلك ولا يأثم، وقد روى نحو هذا في الجامع الكافي عن الحسن بن يحيى، بل في كلامه أنه لا يسعه الصدق هنا، وفيه عنه: وإنما الكذب المحرم هو الذي يكون معصية لله ø، وما قمت فيه بأمر الله ودفعت به عن مؤمن فليس ذالك بمعصية، ولا حرج فيه.

  قال: وقد روي أنه لا بأس أن يستطيب الرجل نفس امرأته في ثمن الثوب ونحوه، فالكذب على من تعتمد فيه الإثم.

  القول الثاني: أن المراد بذلك التورية والتعريض ونحوها مما لا قبح فيه؛ إذ في رواية الجامع الكافي عن علي # ما يمنع المكر والخداع على الإطلاق؛ لأنه نص على أنه ترك المخادعة للخبر الذي رواه، والمخادعة بالكذب أقبح من غيرها؛ لانضمام قبح الخداع إلى قبح الكذب المعلوم عقلاً وشرعاً، وهذا قول جماعة، منهم: السيد أحمد بن الحسين زبارة، والمهلب، والأصيلي وغيرهم.

  قال ابن بطال عن بعض مشايخه: الكذب المباح في الحرب ما يكون في المعاريض لا التصريح بالتأمين مثلاً. وقال المهلب: لا يجوز الكذب