تفسير قوله تعالى: {يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون 9}
  حاجته، فقالت: لو وجدتك على الحال التي كنت عليها لوجأتك، فأنكر، قالت: فاقرأ إن كنت صادقاً، فقال:
  شهدت بأن وعد الله حق ... وأن النار مثوى الكافرينا
  وأن العرش فوق الماء طافٍ ... وفوق العرش رب العالمينا
  وتحمله ملائكة كرام ... ملائكة الإله مسومينا
  فقالت: آمنت بالله وكذبت بصري، فبلغ النبي ÷، فضحك، ولم ينكر عليه، وهذا تحيل ظاهر.
  واحتجوا أيضاً بما في الجامع الكافي عن النبي ÷ أنه قال لرجل من أصحابه: «لا أخرج من المسجد حتى أعلمك سورة ما أنزل الله مثلها» فمشى مع النبي ÷ حتى وضع إحدى رجليه خارج المسجد، فقال الرجل: يا رسول الله إنك قد قلت كذا، فقال: «إني لم أخرج من المسجد إنما أخرجت إحدى رجلي» ثم أخبره أنها فاتحة الكتاب، وقد تقدم نحوه في البسملة من حديث أبي بريدة. قالوا: وهذا الحديث أصل في التخلص من الأيمان، وقد بنى الخصاف كتابه في الحيل عليه؛ ووجه الاستدلال به أن من حلف أن لا يفعل شيئاً فأراد التخلص من الحنث بفعل بعضه لم يكن حانثاً، فإذا حلف لا يأكل هذا الرغيف، ولا يأخذ هذا المتاع، فليدع بعضه ويأخذ الباقي ولا يحنث، وقد احتج به محمد بن منصور على أن من حلف لا يدخل دار فلان، فأدخل إحدى رجليه، ولم يدخل الأخرى لم يحنث حتى يدخلهما. وقد ندب الشارع إلى إتيان رخص الله تعالى، ففي الجامع الصغير عن النبي ÷: «إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه»