مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون 9}

صفحة 1789 - الجزء 3

  أحكامها بحسب اختلاف المصلحة في جزئياتها، والأولى سلوك طريقة الاجتهاد في جزئيات المسائل، وذلك بأن ينظر المجتهد في الحيلة التي يريد فعلها، فإن وجد دليلاً خاصاً يدل على الجواز أو المنع عمل به، وإلا عرض تلك الحيلة على ما مر من أدلة الجواز والمنع، فإن وجدها داخلة تحت أدلة التحريم حرمها، أو تحت أدلة الجواز أجازها، وإلا حكم بالوقف فيها حتى يتبين له الحق.

  وأما ما ذكره الإمام المهدي # من سلوك طريقة الاجتهاد فيما يجوز من الحيل وما لا يجوز على الجملة فهو راجع إلى حصر مسائل الجواز والمنع تحت ضوابط كلية، وقد عرفت ما فيه، وإن كان # قد نص على أن سلوك هذه الطريقة سهلة، قال: لأن العلماء قد حكت الخلاف في المسألة مستوفاً، وأوردت ما يحتج به كل فريق، فإذا عرض الإنسان تلك الأدلة على عقله لم يخف عليه الأرجح؛ لأن العقول وطرائق النظر واحدة لم تختلف بين السابق واللاحق، ثم يأخذ ما ترجح له قوته وصحته، وذلك هو غاية مراد الله تعالى منه، ولا تكليف عليه فوق ذلك.

  قلت: وهو كلام حسن، إلا أن لقائل أن يقول: إذا نظر الناظر على حسب ما ذكرت فغاية ما يتحصل له أن من الحيل ما يجوز فعله، ومنها ما هو محرم على الجملة، وأما معرفة ما يجوز من الجزئيات وما لا يجوز، فلا يحصل إلا بنظر جديد فيها بخصوصها.