مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة السابعة: فيما يعلم بأدلة العقل والشرع

صفحة 175 - الجزء 1

  وقالت (الإمامية) و (البكرية) - وهم أصحاب بكر بن عبد الواحد - من المجبرة وبعض المحدثين: بل يصح الاستدلال على ثبوت الباري بالظني من الآيات وغيرها مثيراً، وغير مثير.

  والجواب: أن الاستدلال بغير المثير دور؛ لأنه لا يكون دليلاً إلا لكونه من عند الله، ولا يثبت كونه من عنده إلا بعد ثبوته، وثبوت عدله، فيتوقف الدليل على حصول المدلول عليه، وهذا هو الدور.

  قال السيد المحقق (أحمد بن محمد بن لقمان) |: اللهم إلا أن يقال: إنه يصح الاستدلال بكتابه تعالى على وجوده، لكن لا على طريقة الاستدلال به على الأحكام الشرعية، بل على طريقة أخرى، وهي أن يقال: قد ثبت أن القرآن كلام والكلام لا بد له من متكلم، وليس المتكلم به البشر لما ثبت من عدم قدرتهم على معارضته، وقد تحدوا بها فلم يقدروا، فلم يبق إلا أن يكون المتكلم به غيرهم مخالف لهم في جميع صفاتهم، وليس ذلك إلا الله تعالى، فهذا الاستدلال صحيح كالاستدلال بسائر المخلوقات.

  قال |: وقد نبه الله على هذا في قوله تعالى: {هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ٥٢}⁣[إبراهيم]، فبين تعالى أن القرآن جميعه بلاغ، ومنذر، وسبب للعلم بوحدانيته تعالى، وللتذكر والتفكر من أهل العقول، وليس ذلك إلا على الطريقة التي ذكرناها، فلتتأمل والله أعلم، ذكره في شرحه على الأساس.