المسألة الأولى [بطلان استدلال المجبرة بهذه الآية]
  بمرض قلوبهم ها هنا الكفر والجهل كانت الزيادة من جنسهما، فيلزم أن يكون الله تعالى فاعلاً للكفر والجهل.
  والجواب: أنه لا يجوز حمل الآية على خلقه تعالى للكفر فيهم؛ لما علم مما مر من تنزيهه تعالى عن القبيح، وأي قبح أعظم من أن يخلق الكفر فيهم ثم يعذبهم عليه؛ هذا مع أن الآية مسوقة لذمهم، وكيف يذمهم على ما خلقه فيهم؛ ومن تأمل ما مر في مواضع من أن العباد الفاعلون باختيارهم، علم أنه لا يجوز حمل الآية على ما قال هؤلاء، وحينئذ فلأهل العدل في تأويلها وجوه:
  أحدها: ما ذكره الناصر # وهو أن المرض الذي في قلوبهم هو الكفر والشك والكبر، وكانوا إذا نزل على النبي ÷ وحي كذبوا به، فازدادوا بذلك كفراً إلى كفرهم، وجاز نسبته إلى الله؛ لأنه الذي أنزل الوحي الذي ازدادوا به مرضاً، ونظير ذلك أن يقول الإنسان: قد وعظت فلاناً فما زاده وعظي إياه إلا بعداً من الخير، ومنه قول نوح #: {فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا ٦}[نوح] وهم الذين فعلوا خلاف ما دعاهم إليه نوح #، وإنما نسبت الزيادة إلى دعائه لأنه السبب فيها.
  قال الناصر: ويحقق ذلك قوله تعالى في آخر الآية: {وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ١٠}[البقرة]. وقد ذكر هذا الوجه الرازي عن المعتزلة، وقال في آخره: فكذا هؤلاء المنافقون لما كانوا كافرين، ثم دعاهم الله إلى شرائع دينه فكفروا بتلك الشرائع، وازدادوا بسبب ذلك كفراً،