مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون 10}

صفحة 1801 - الجزء 3

  لا جرم أضيفت زيادة كفرهم إلى الله. ونحوه في الكشاف، وقال: هو من إسناد الفعل إلى سببه، كما أسند إلى السورة في قوله: {فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ}⁣[التوبة: ١٢٥].

  الثاني: أن يحمل المرض على الغم تجوزاً.

  قال القرشي: لأن المرض لا يستعمل حقيقة إلا في الألم، وهو في الغم مجاز يقال: فلان مريض القلب من كذا أي مغتم، ولا شك أنهم كانوا يغتمون بعلو أمر رسول الله ÷. قال القرشي: فأورد الله هذا، إما على الدعاء عليهم، كأنه قال: زادهم الله غماً، وهو يتضمن الدعاء للمؤمنين بزيادة النصر والعزة، أو يكون على جهة التحقيق بأن الله زادهم غماً بما زاد به المسلمين مما لأجله يغتم عدوهم. وقد ذكر الهادي # قريباً من هذا، وهو أنه قال: والمرض فهو الشك، والحيرة، والحسد له ÷، فكانت قلوبهم مدخولة مما أتى به من الحق خوفاً أن يظهر حقه، وكلمته، وتتمكن في قلوب العرب دعوته، فكانوا كلما أشفقوا من شيء زاد الله نبيه حجة، ويزيده نوراً وتقوياً، ونصراً وتأييداً، فتزداد لذلك قلوبهم عداوة وحسداً.

  قال #: فهذا معنى قول الله تعالى: {فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ}⁣[البقرة: ١٠] يخبر سبحانه أن كلما يؤتيه نبيه من العز والخير، وإقامة الحجج على الأمة يزيد ذلك قلوب المشركين سقماً وغماً، وبلاء ومرضاً.

  قلت: وقد جمع # في كلامه بينما يمكن نسبته إلى الله تعالى حقيقة كالسقم والغم، وما لا يمكن نسبته إليه إلا تجوزاً وهو الشك والحسد ونحوهما.